الزرادشتية: أصولها، معتقداتها، وتأثيرها على الأديان الأخرى

تُعد الزرادشتية واحدة من أقدم الديانات الموحِّدة في العالم، وقد نشأت في بلاد فارس (إيران حالياً) على يد النبي زرادشت (Zoroaster) قبل حوالي 3500 عام. على الرغم من أن عدد أتباعها اليوم قليل، فإنها تركت بصمة عميقة في تاريخ الفكر الديني، وتُعتبر مصدر إلهام للعديد من المفاهيم التي ظهرت لاحقاً في الديانات الإبراهيمية. 1. المؤسس والإله الأعلى النبي زرادشت: عاش زرادشت في الألفية الثانية قبل الميلاد، وقدم رسالة جديدة تدعو إلى الإيمان بإله واحد. وقد تم تجميع تعاليمه في الكتاب المقدس للزرادشتية، المعروف باسم الأفستا (Avesta). أهورامازدا: هو الإله الأعلى في الزرادشتية، ويعني "السيد الحكيم". يُنظر إلى أهورامازدا على أنه الإله الوحيد الذي خلق كل ما هو جيد، وهو مصدر الخير، والنور، والحكمة، والعدالة. 2. المعتقدات الأساسية: الصراع بين الخير والشر تتميز الزرادشتية بمفهومها الفريد للصراع الكوني، وهو محور معتقداتها: الثنائية الكونية (Cosmic Dualism): تُقدم الزرادشتية فكرة وجود قوتين متضادتين: سبنتا ماينيو (Spenta Mainyu)، وهو الروح الطاهرة والخلاقة التي تمثل الخير، وأنغرا ماينيو (Angra Mainyu)، وهو الروح الشريرة المدمرة التي تمثل الشر. هذا الصراع هو جوهر الوجود. حرية الإرادة: تؤمن الزرادشتية بأن الإنسان يمتلك حرية الإرادة الكاملة لاختيار أي من القوتين يتبع. كل عمل إنساني هو خطوة نحو الخير أو الشر في هذا الصراع الكوني. الخلود والحساب: تُعلم الزرادشتية بوجود حياة بعد الموت، ويوم للقيامة والحساب، حيث تتم مكافأة الأرواح الصالحة وتُعاقب الأرواح الشريرة. 3. الأهمية والطقوس رمزية النار: يُعتبر النار عنصراً مقدساً في الزرادشتية، لكنه ليس إلهاً يُعبد. إنما يُنظر إليه على أنه رمز لنور الإله أهورامازدا، ونقاء الحقيقة، وطهارة العبادة. التأثير على الأديان الأخرى: يعتقد المؤرخون أن الزرادشتية أثرت بشكل كبير على الديانات الإبراهيمية (اليهودية، والمسيحية، والإسلام)، حيث يُعتقد أنها مصدر لبعض المفاهيم مثل: الإيمان بوجود الملائكة والشياطين، ويوم الحساب، والجنة والنار، والبعث بعد الموت. في الختام، تُعد الزرادشتية ديانة تاريخية عريقة تُقدم رؤية فلسفية عميقة حول الخير والشر، وحرية الاختيار، وهي تشكل جزءاً مهماً من التراث الديني الإنساني.

تعليقات