لماذا يُحرّم لحم الخنزير؟ الأسباب الدينية في الإسلام واليهودية

يُعد لحم الخنزير طعاماً شائعاً في أجزاء كثيرة من العالم، ولكنه في الوقت نفسه يُعتبر محرّماً تماماً في ديانتين رئيسيتين، هما الإسلام واليهودية. يعود هذا التحريم إلى أسباب دينية وتاريخية عميقة، تُشكل جزءاً أساسياً من هوية ومعتقدات الملايين من الناس حول العالم. 1. التحريم في الديانة اليهودية يُعد تحريم لحم الخنزير أحد أبرز الممارسات في الشريعة اليهودية، والمعروفة باسم "الكشروت" (Kosher). النص الديني: يأتي التحريم من التوراة، وتحديداً في سفر اللاويين (الإصحاح 11) وسفر التثنية (الإصحاح 14). تُحدد هذه النصوص المعايير التي يجب أن تتوفر في الحيوانات لتكون طاهرة ومُحللة للأكل. المعيار: لكي يكون الحيوان "كوشير" (محلل)، يجب أن يكون له "ظلف مشقوق" و"يجترّ" في آن واحد. الخنزير له ظلف مشقوق ولكنه لا يجترّ، ولذلك يعتبر من الحيوانات "النجسة" أو "غير الطاهرة" (Treif) التي لا يجوز أكلها. الأسباب: بالنسبة لليهود، يُعتبر هذا التحريم أمراً إلهياً يجب طاعته من أجل الحفاظ على العهد مع الله والهوية الدينية الفريدة. 2. التحريم في الديانة الإسلامية تحريم لحم الخنزير في الإسلام هو أمر قطعي ومذكور في القرآن الكريم في عدة مواضع: النص الديني: يُذكر التحريم صراحة في عدة آيات، منها سورة البقرة (الآية 173)، وسورة المائدة (الآية 3)، وسورة النحل (الآية 115). المعيار: الآيات تُحدد بوضوح أن لحم الخنزير محرم (حرام) على المسلمين، دون أي شروط. الأسباب: يرى المسلمون أن هذا التحريم هو أمر إلهي مباشر من الله، يُعتقد أنه يحمي الإنسان من أضرار صحية أو روحية، حتى وإن لم تكن معروفة بشكل كامل. الطاعة لله هي السبب الأسمى للتحريم. 3. نظرة تاريخية وثقافية يُشير بعض المؤرخين والباحثين إلى أن هذه التحريمات ربما نشأت لأسباب صحية في البداية، خاصة في المناطق الحارة وشبه الجافة في الشرق الأوسط، حيث يمكن أن يكون لحم الخنزير عرضة للتلف السريع، وقد يكون ناقلاً لبعض الأمراض. ومع ذلك، بالنسبة للمؤمنين، فإن السبب الرئيسي والأهم للتحريم ليس صحياً، بل هو الامتثال لأمر إلهي وارد في الكتب المقدسة. في الختام، يُعد تحريم لحم الخنزير مثالاً واضحاً على كيفية تأثير النصوص الدينية على الممارسات اليومية لأتباعها، وكيف يُشكل هذا التحريم جزءاً أساسياً من هويتهم الدينية والثقافية.

تعليقات